دور البلديات وهيئات الحكم المحلي في التخطيط لبناء قدرات المجتمع على مجابهة الكوارث

Upload your content

"د. جلال نمر الدبيك: مدير مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث في جامعة النجاح الوطنية ونائب رئيس الهيئة الوطنية للتخفيف من اخطار الكوارث، فلسطين.

قررت الجمعية العامة بموجب قرارها 64/200 المؤرخ في 21 كانون الأول من العام 2009، تحديد 13 تشرين الأول من كل عام موعداً للاحتفال باليوم العالمي للحد من الكوارث، ويهدف الاحتفال الى توعية الناس بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من مخاطر تعرضهم للكوار، وفي كل عام يخصص لهذا اليوم موضوع ليحمل عنوان الاحتفال السنوي، ولهذا العام تم اختيار موضوع "النساء والفتيات - القوة الخفية للقدرة على مجابهة الكوارث"، ويرمي اليوم العالمي للحد من الكوارث الطبيعية لعام 2012 الذي سيقام تحت اشراف الامم المتحدة إلى التعبير عن الشكر والتقدير للملايين من النساء والفتيات ممن عملن على جعل مجتمعاتهن أكثر قدرة على مجابهة الكوارث ومخاطر المناخ، اضافة الى الاحتفال بالمساهمات التي قدمتها النساء والفتيات قبل الكوارث وأثناءها وبعدها في العديد من دول العالم كالهند واليابان وبنجلادش وفي بعض دول امركيا الجنوبية وافريقيا، وغيرها من دول العالم. وتسليط الضوء على أن قدرة النساء والفتيات في المساهمة، تعوقها العديد من الامور، اهمها عملية الاقصاء عن المشاركة واتخاذ القرار في عملية الحد من الكوارث.

وعموماً، تعالج الفعاليات والنشاطات الدولية المتعلقة بالحد من مخاطر الكوارث، والتي تنفذ على مدار العام بتوجيه ورعاية من قبل المؤسسة الاممية الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث UNISDR، العديد من المواضيع التي ئؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على اجراءات الحد من مخاطر الكوارث وعملياتها، والتي تهدف بشكل عام الى تجنب حصول بعض انواع الكوارث، بالاضافة الى التخفيف من اثار بعض انواع الاخطار الطبيعية التي لا يمكن منع حدوثها كالزلازل مثلاً، وتتطلب اجراءات الحد من مخاطر الكوارث كما تم توصيفها في اطار عمل هيوغو لبناء قدرات الامم والمجتمعات على مجابهة الكوارث للعقد 2005 – 2015، والاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث (UNISDR)، والاستراتجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2011 – 2020، ضرورة التزام الدول والمجتمعات بوضع اسس، وبرامج فعالة، واليات تنفيذية على مستوى كل من الدولة والبلديات (الحكم المحلي)، ويشمل ذلك ما يلي:

1-   اعتبار الكوارث أولوية وطنية قائمة على قاعدة مؤسساتية صلبة للتنفيذ، وتعزيز الالتزام بمنهج شامل ومتكامل للحد من مخاطر الكوارث في مختلف القطاعات، وهذا يعني الالتزام بمفاهيم الحكم الرشيد.

2-    بناء القدرات اللازمة لتحديد الأخطار ورصدها، وتقييم مخاطر الكوارث التي قد تحدثها، وتعزيز الانزار المبكر.

3-    بناء القدرات على المجابهة من خلال المعرفة، والبحث، والاهتمام ببرامج التوعية والإرشاد على المستوى الوطني، والتدريب، وبناء قدرات المخططين والمهندسين وغيرهم، والتركيز على مساهمة وسائل الإعلام، والمناهج الدراسية المدرسية والجامعية على برامج الحد من مخاطر الكوارث.

4-    تحسين المساءلة فيما يتعلق بإدارة مخاطر الكوارث على الصعيد المحلي والوطني، وكذلك الحد من عوامل المخاطر الرئيسية، كتصميم المباني المقاومة للزلازل، وضبط سياسة استخدام الأراضي لتجنب أو لمعالجة البناء في مناطق: التضخيم الزلزالي، والإنزلاقات الأرضية، ومجرى الأودية والسيول، وغيرها.

5-   إدراج الحد من مخاطر الكوارث مع خطط وعمليات الاستجابة للطوارئ والاستعداد والتعافي.

المدن القادرة على مجابهة الكوارث ودور رؤساء البلديات والمجالس البلدية:

وتضمنت برامج الاستراتيجية الدولية كذلك حملات دولية مستمرة، للتوعية في مجال المدارس الامنة (الحملة الدولية خلال الفترة 2006 -2007)، والمستشفيات الامنة (الحملة الدولية 2008 – 2009)، والحملة الدولية للمدن الامنة القادرة على مجابهة الكوارث والتي بدأت في العام 2010 ولا تزال مستمرة، وقد اشتملت هذه الحملة على وضع معايير واليات تنفيذية للبلديات ولهيئات الحكم المحلي، بحيث يتم من خلالها بناء مجتمعات قادرة على مواجهة الكوارث،  ولتحقيق هذا الهدف تم تحديد نقاط عشرة اساسية لتمكين المدن وجعلها اكثر قدرة على مجابهة الكوارث، بالاضافة الى وضع دليل ارشادي لرؤساء البلديات وهيئات الحكم المحلي لتنفيذ هذه النقاط، ويمكن استعراض الخطوط العريضة لهذه النقاط العشرة كما يلي:

1-  وجود تنظيم وتنسيق لفهم المخاطر والحد منها (والحد من تأثيرها) على أساس مشاركة المواطنين، والمجتمع المدني، والإئتلافات (التحالفات) المحلية، وضمان أن جميع الإدارات تفهم دورها ومساهمتها في الحد من مخاطر الكوارث والاستعداد لها.

2- وجود ميزانية مخصصة للحد من مخاطر الكوارث وتقديم حوافز لأصحاب المنازل، والأسر ذات الدخل المنخفض والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص والعام للاستثمار في الحد من المخاطر، التي يواجهونها.

3. وجود تحديث مستمر للبيانات المتعلقة بالمخاطر وقابلية التضرر (قابلية الإصابة)، وإعداد تقييم للمخاطر واستخدامها كأساس لخطط وقرارات التنمية الحضرية. وضمان أن هذه المعلومات، وخطط المدينة لمجابهة الكوارث متاحة لكل السكان، وأنه قد تم مناقشتها بأكملها،

4. وجود استثمار لإقامة البنية التحتية والحفاظ عليها للحد من المخاطر، مثل مخرات السيول وتعديلها للتكيف مع تغير المناخ.

5. تقييم سلامة جميع المدارس والمرافق الصحية ورفع مستويات السلامة لهذه المرافق كلما احتاجت لذلك؟

6. تطبيق وتنفيذ واقعي (حقيقي) للوائح البناء المقاوم للمخاطر، ومبادئ التخطيط السليم لاستخدامات الأراضي. وكذلك تحديد أراضي آمنة للمواطنين من ذوي الدخل المنخفض وتطوير الأحياء العشوائية كلما كان ذلك ممكنا.

7. ضمان وجود برامج للتعلم والتدريب على الحد من مخاطر الكوارث في المدارس والمجتمعات المحلية.

8. حماية النظم البيئية الطبيعة والحواجز الطبيعة للتخفيف من آثار الفيضانات والعواصف  وغيرها من الأخطار التي قد تكون المدينة قابلة للتضرر منها،  والتكيف مع تغير المناخ من خلال البناء على الممارسات الجيدة للحد من المخاطر،

9. وضع نظم للإنذار المبكر وتوفير قدرات لإدارة الطوارئ في المدينة، وإجراء تدريبات الاستعداد للجمهور بشكل منتظم.

01. وجود ضمانات لتلبية احتياجات الناجين بعد أي كارثة، وأن ذلك أساسي في عملية إعادة الإعمار مع تقديم الدعم لهم ولمؤسساتهم المجتمعية من أجل تصميم وتنفيذ المتطلبات والمساعدات ، بما في ذلك إعادة بناء منازلهم وسبل كسب العيش.

وحتى تنضم المدينة / البلدية الى الحملة الدولية بصفة مشارك، يكفي ان تطبق بعض النقاط المشار اليها اعلاه، وإن معايير المدينة "القدوة" هي أن تكون المدينة قد أظهرت نتائج أو بدأت في عمليات التغيير في خمس مجالات على الأقل من المجلات العشر التي تضمها قائمة "النقاط العشرة لتمكين المدن من القدرة على المجابهة"،

ومن الممكن لرؤساء البلديات أو مسؤولي الحكم المحلي أن يلعبوا دوراً قيادياً في الحملة من خلال طرق مختلفة، اهمها:  العمل كدعاة ومؤيدين على المستويات الدولية والوطنية، وكمحفزين داخل مدنهم وعلى المستوى الوطني لتنفيذ تدابير الحد من مخاطر الكوارث على المستوى المحلي، والتعهد بالابتكار وإطلاق المبادرات التي تساعد مدنهم على أن تكون أكثر أماناً وأكثر قدرة على  مجابهة الكوارث، وفي حالة تحقيق رئيس البلدية او رؤساء الهيئات المحلية انجازات في هذه المجلات، يتم ترشيحهم، ومن ثم تمنحهم المؤسسات الاممية ذات العلاقة في احتفال دولي لقب "قائد".

المؤسسات الفلسطينية و وإستراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث:

بالإطلاع على تجربة المجتمع الفلسطيني ومؤسساته في مجال الحد من مخاطر الكوارث، وما تحمله هذه التجربة من ثغرات وعناصر قوة، وبصفتي أحد المهتمين في هذا المجال، أرى أنه، وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها بعض الجهات الفلسطينية التي تعمل في مجال المعرفة، والدراسات، والتوعية العامة، وبناء القدرات، والاستجابة للطوارئ، إلا أن التزام العديد من المؤسسات التنفيذية الحكومية وغير حكومية، بمفاهيم، ومعايير، وآليات عمل منظومة الحد من مخاطر الكوارث، لا يزال محدوداً، ولم يصل الى المستوى المطلوب. وفي نفس الوقت لا تزال برامج وأنظمة الحد من مخاطر الكوارث بمفهومها الشامل على المستويين الوطني والمحلي، بعيدة عن مستوى الحد الادنى المطلوب، فمثلاً لا تزال العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تعتقد لغاية الآن، أن مفهوم الحد من مخاطر الكوارث، ينحصر في مجال رفع مستوى القدرات في مجال الاستجابة للطوارئ فقط، كعمليات الإسعاف والإنقاذ وإدارة الكوارث، ومع أن تنمية وبناء القدرات في هذه المجالات، تعتبر مهمة وضرورية كونها احد العناصر الأساسية للحد من مخاطر الكوارث، إلا هذا لوحده لا يكفي، فالأصل أن يرافق ذلك، التركيز على الأمور الوقائية التي تضمن أمن وسلامة المنشاَت وتجنب تعرضها للأضرار والانهيارات، من خلال تصميمها وتنفيذها لمواجهة الكوارث المختلفة، وبنائها على أراض مناسبة وفقاً لسياسات وطنية شاملة لاستخدام الأراضي (وهذا ما يعرف بالاستثمار الدائم أو التنمية المستدامة)، بالإضافة إلى تطوير المعرفة على كافة المستويات، ويشمل ذلك برامج التوعية المجتمعية لتحوي المجتمع من مستقبل للخدمة إلى مشارك، وتطوير القدرات في مجال تحديد مصادر الأخطار ورصدها وتقييم المخاطر التي قد تنتج عنها، وغير ذلك.

ومن خلال متابعة واقع المؤسسات التي تعمل في الاستجابة للطوارئ، أظهرت هذه المؤسسات تطور واضح ونقلة نوعية، ومع ذلك لا يمكن اعتبار القدرات الحالية لهذه المؤسسات كافية وتحقق المتطلبات العالمية، فلا يزال هناك حاجة لكثير من العمل، وبسبب خصوصية الحالة الفلسطينية وما نعانيه كشعب ومؤسسات بسسب الاحتلال، وبالتالي تعذر توفير جميع العناصر اللازمة لبناء تنمية مستدامة وفقاً للمفاهيم العالمية، بالتالي يتطلب من الحكومة ومؤسساتها، ومن مؤسسات المجتمع، وبشكل خاص من البلديات وهيئات الحكم المحلي، اتخاذ إجراءات خاصة ومتقدمة للحد من مخاطر الكوارث، وهذا يعني ضرورة اعتماد اسراتيجية وطنية شاملة وفعالة للحد من مخاطر الكوارث، وان تستند هذه الإستراتيجية إلى المفاهيم والأطر الدولية والى نقاط قوة المجتمع الفلسطيني، ويجب أن تكون الخطوة أو الأولوية الأولى للعمل، اعتبار الكوارث بأنواعها المختلفة أولوية وطنية قائمة على قاعدة مؤسساتية صلبة للتنفيذ، ويشمل ذلك وضع تشريعات وقوانين وآليات تنفيذية، وتحديد المهام والمسؤوليات للمؤسسات ذات العلاقة، بحيث يتم ضمان أن تعمل جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية مع بعضها البعض في منظومة متكاملة وشاملة، بمعنى آخر الالتزام بمعايير الحكم الرشيد في مواجهة الكوارث على المستوى الوطني والمحلي.

وفي خطوة متقدمة في إطار الحكم الرشيد، وبناءً على توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الحكم المحلي، ووزارة الأشغال العامة والإسكان، ونقابة المهندسين ووحدة هندسة الزلازل في جامعة النجاح الوطنية لاعتماد وتطبيق كود البناء الأردني لتصميم  المباني المقاومة للزلازل، اقرت الجهات الرسمية ذات العلاقة التصميم الزلزالي للمنشاَت، وتم تبني كودة الزلازل الأردنية، وباشرت نقابة المهندسين وبالتنسيق مع وحدة هندسة الزلازل في جامعة النجاح في التحضير لإجراء دورات تأهيلية، لتطوير قدرات المهندسين العاملين في مجال تصميم المباني وتنفيذها، يشار الى ان بعض مؤسسات القطاع الخاص تعتمد متطلبات التصميم الزازالي للمنشاَت، بالاضافة الى ان بعض المؤسسات الحكومية كوزارة التربية والتعليم لديها قرارت واضحة منذ اكثر من عشرة سنوات في موضوع الالتزام بالتصميم الزلزالي لمباني المدارس.

وفي خطوة في الاتجاه الصحيح، تم خلال العام 2012 اعتماد معايير الحد من مخاطر الكوارث في دليل التخطيط الفيزيائي "دليل إجراءات وأدوات إعداد المخططات الهيكلية  في الضفة الغربية وقطاع غزة"، وسيتم لاحقاً العمل على اعتماد متطلبات ومعايير الحد من مخاطر الكوارث في الدليل التفصيلي لكل قطاع من القطاعات التي يتضمنها الدليل العام

يشار الى ان جهد المؤسسات الدولية يتركز حالياً على بناء قدرات المجتمعات على مستوى البلديات وهيئات الحكم المحلي، وذلك باعتبار ان بناء القدرات على المستوى المحلي، يعتبر الاساس لبناء القدرات على المستوى الوطني، لذلك اتمنى من جميع رؤساء البلديات ومجالس البديات الذين سيحالفهم الحظ في الفوز في انتخابات المجالس البلدية في الضفة الغربية، الى الاطلاع ومتابعة الحملات الدولية المتعلقة بالمدن الامنة والتي تم الاشارة اليها اعلاه، وان يعملوا كل ما بوسعهم لانضمام مدنهم لهذه الحملات، على امل تحقيق العديد من النقاط العشرة الاساسية للمدن القادرة على مجابهة الكوارث، وبالتالي الحصول على لقب المدينة القدوة، علماً ان مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث في جامعة النجاح الوطنية وبالتنسيق مع المؤسسات الفلسطينية والدولية ذات العلاقة بالحد من مخاطر الكوارث، سيباشر خلال الاسابيع القليلة القادمة في تنفيذ عدد من الفعاليات وورشات العمل لحث البلديات في فلسطين على الانضمام للحملة الدولية للمدن الامنة، وذلك من خلال التطبيق التدريجي للاسس المشار اليها اعلاه.

وقد تم نشر الخبر في الصحف المحلية وجميع وسائل الإعلام المختلفة.

 

 

Explore further

Country and region Palestine, State of
Share this

Please note: Content is displayed as last posted by a PreventionWeb community member or editor. The views expressed therein are not necessarily those of UNDRR, PreventionWeb, or its sponsors. See our terms of use

Is this page useful?

Yes No
Report an issue on this page

Thank you. If you have 2 minutes, we would benefit from additional feedback (link opens in a new window).